تعتبر الانتخابات التشريعية والبلدية في موريتانيا فرصة هامة للعديد من زعماء المجموعات المحلية والأطر لتحقيق طموحاتهم في تولي قيادة المجالس المحلية، وأصبح هذا المسار السياسي يشهد تزايدًا كبيرًا في الاهتمام من قبل السياسيين والمواطنين على حد سواء.
مع تزايد التحديات التي تواجه المجالس المحلية، تبرز الحاجة إلى التسيير المباشر للموارد المالية المخصصة للمجالس الجهوية والمحلية.
إلا أن الواقع يشير إلى أن العديد من القادة المحليين يفتقرون إلى الخبرة والتجربة الكافية في إدارة الموارد المالية بشكل سليم، مما يثير القلق حول الطريقة التي تتم بها إدارة هذه الأموال. بعض هؤلاء القادة قد يحتاجون لتذكير دائم بقواعد التسيير الإداري والمالي، حيث يواجهون تحديات في مراقبة وتوجيه الاستثمارات والموارد المخصصة للتنمية المحلية.
وبالرغم من أن وزارة الداخلية قد أظهرت رغبة قوية في مواجهة الفساد المالي والإداري في المجالس المحلية، إلا أن الأفعال على الأرض تبدو محدودة حتى الآن.
فالوزارة لم تعلن عن بعثات تفتيش تم إرسالها إلى المناطق الداخلية لمراقبة العمل الإداري والمالي في تلك المجالس، كما أنها لم تُعلن عن نتائج أي تفتيش قد يكون قد أُجري في هذا الصدد.
وهذا يثير تساؤلات حول مدى فعالية الآليات المتاحة لمكافحة الفساد في هذه المجالس.
في هذا السياق، تُعد وزارة الداخلية عصب العمل الحكومي في موريتانيا، حيث تلعب دورًا محوريًا في تنسيق وتوجيه العمل في المجالس المحلية.
وتحظى اللامركزية باهتمام بالغ من قبل الحكومة، خصوصًا في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، الذي يُعنى بتحقيق التنمية المحلية وتوسيع مشاركة المواطنين في صنع القرار. وبالتالي، يعتبر التكوين والتأطير والمتابعة المستمرة من أبرز الأدوات المتاحة للحكومة لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة.
ورغم الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة للامركزية، إلا أن التحديات التي تواجه المجالس المحلية تظل قائمة، خصوصًا فيما يتعلق بالمتابعة والمحاسبة.
فمن المهم أن يتم تعزيز دور المفتشية العامة للدولة في متابعة الشفافية المالية داخل المجالس المحلية، وأن تُرفع تقارير دورية حول الأنشطة المالية والإدارية لهذه المجالس لضمان تحقيق الشفافية والمساءلة.
تتطلب المرحلة المقبلة في موريتانيا تعزيز التدابير الرقابية والإدارية لمواكبة تطور النظام المحلي في مختلف المجالات، من خلال تطوير قدرات المسؤولين المحليين وتمكينهم من آليات فعالة لإدارة الموارد المالية بشكل يتماشى مع تطلعات المواطنين في مختلف المناطق.