مدينة أطار... مسؤولون في رفاهٍ وشعبٌ في معاناة دائمة

بواسطة mohamed

في مدينة أطار، الواقعة شمال موريتانيا، يتجلى بوضوح التفاوت الصارخ بين واقع المواطنين والمسؤولين عن تسيير شؤونهم. 

ففي الوقت الذي تُغرق فيه الأحياء السكنية في ظلام دامس وأزمة عطش لا تنتهي، ينعم أولئك المسؤولون بمكاتب مكيفة، ومنازل لا تعرف انقطاع الكهرباء إلا في الحالات العامة النادرة.

المفارقة الموجعة أن بعض العائلات باتت تلجأ إلى أعمدة الكهرباء التي تغذي مقرات الإدارات الرسمية أو منازل المسؤولين، علّها تظفر بشيء من "الضوء"، أو "الامتيازات" التي يبدو أنها أصبحت حكرًا على فئة دون أخرى، دون أن يقابل ذلك عطاء أو خدمة ملموسة يشعر بها المواطن البسيط.

أما ما تبقى من الأحياء، فهي ضحية "تمييز في المعاناة"، لا مساواة حتى في الظلم، ولا عدالة في توزيع الضرر. الكهرباء تنقطع في أحياء بعينها أكثر من غيرها، وكأن هناك معيارًا غير معلن لتحديد من يتحمل الألم ومن يستثنى منه.

رغم هذا الواقع المأساوي، لا يتورع بعض المسؤولين عن التباهي بمصطلحات من قبيل "العصرنة" و"الإنجازات" و"التنمية"، في مشهد يثير السخرية أكثر مما يبعث على الأمل، ويجعل المواطنين يتساءلون: عن أي تطور يتحدثون؟ وأي إنجازات يُشار إليها بينما المدينة ترزح تحت أزمات متوارثة منذ عقود؟

منذ سنوات طويلة، والمعاناة في أطار لا تتغير: انقطاع متكرر للكهرباء، ضعف شديد في تزويد المياه، وغياب أبسط مقومات العيش الكريم. نفس السيناريو يعاد كل عام، بنفس اللامبالاة والتبريرات الباهتة، وكأن الزمن متوقف، أو أن هذه المدينة قد شُطبت من خريطة الأولويات الوطنية.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: لماذا تعجز الشركة المعنية – عامًا بعد عام – عن توفير مولدات كهربائية جديدة تليق بحجم الأزمة؟ ولماذا يُترك المواطن وحيدًا في مواجهة هذه الظروف القاسية، وكأن ما يعيشه لا يستحق أن يُنظر إليه أو يُعالج؟

نحن اليوم في عام 2025، في وقت قطعت فيه البشرية أشواطًا هائلة في التكنولوجيا والطاقة المتجددة، بينما لا تزال مدينة أطار، بكل تاريخها وسكانها، تصارع من أجل الحصول على أبسط حقوقها: ضوء في البيت، وماء في الحنفية.

فإلى متى يستمر هذا الوضع؟ وأين دور الدولة الحقيقي في إنصاف المدن الداخلية التي لم تطلب إلا العيش بكرامة؟