خارطة طريق لإدارة الحوار الوطني
تأتي هذه الخارطة في أعقاب المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية بدعوة الفاعلين السياسيين للمشاركة في حوار وطني مفتوح.
وتلبي الدعوة مطلبًا متكررا للطبقة السياسية والمجتمع لتعزيز التوافق الوطني ونبذ الفرقة، والاستقطابات التي تهدد تماسك المجتمع.
فقد هيمنت الخلافات العميقة لزمن طويل على الساحة السياسية متجاوزة حدود التنافس المشروع، حيث لم تقتصر على الخيارات المطروحة أمام الموريتانيين، بل شملت أيضا قواعد اللعبة السياسية نفسها، بل قضايا مرتبطة بالتعايش بين مكونات المجتمع.
هذه الوضعية تحمل في طياتها مخاطر على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي، ما يتطلب معالجتها من خلال حوار بناء ومسؤول، يسمح بمناقشة القضايا وإيجاد حلول توافقية مبنية على النقاش بين الفاعلين.
واعد هذه المبادرة فرصة تاريخيّة لإطلاق حوار شامل، يمنح الفاعلين إمكانية المشاركة في صياغة الإصلاحات الضرورية لمعالجة الاختلالات الموجودة وحماية مستقبل البلاد، كما من شأنها أن تسهم في تعزيز الاستقرار، في سياق إقليمي متأزم ومحفوف بالمخاطر والتحديات.
تقدم خارطة الطريق هذه ملخصا للتطلعات والاقتراحات التي عبرت عنها مكونات الطيف السياسي خلال المرحلة التمهيدية، على أساس الاستبيان الذي تم توجيهه إليها، وتعد المرحلة التمهيدية تنظم لأول مرة في موريتانيا، وسيلة لإشراك الفاعلين في تحديد جدول الأعمال والمنهجية والمقاربة المتبعة خلال مسار الحوار.
وقد طلب من الفاعلين التعبير عن تطلعاتهم واقتراحاتهم بخصوص المحاور الخمسة التالية:
1. الأهداف والنتائج المتوقعة من الحوار.
2. الموضوعات والقضايا ذات الأولوية للنقاش.
3. تحديد المشاركين في مسار الحوار.
4. المنهجية الواجب اتباعها لتسيير جلسات الحوار.
5. الضمانات وآلية تنفيذ مخرجات الحوار.
واعتمدت هيئة تنسيق الحوار منهجية دقيقة لجمع اقتراحات، وملاحظات مختلف الأطراف، بغض النظر عن وزنهم السياسي أو الاجتماعي وتمت معالجة المعطيات التي جُمعت عبر الاستبيانات وتحليلها لاستخلاص المقترحات التي تحظى بإجماع الفاعلين.
كما تم تحليل الردود باحترام تام لما عبر عنه الأطراف، عن طريق مقارنة وصياغة المقترحات عند الضرورة، دون الإخلال بروحها ومضمونها.
واقتصر دور هيئة تنسيق الحوار على تقديم ملاحظات واستنتاجات انطلاقا من المقترحات المقدمة، مع مراعاة الموضوعية والتحليل المحايد.
وفي نهاية المطاف، تم استخلاص التوجهات التالية، بعد تحليل الردود على الاستبيان:
أولا: الأهداف والتطلعات بالنسبة للحوار
تقترح غالبية الفاعلين أن تكون أهداف الحوار كالتالي:
- تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي.
- ترقية النظام الديمقراطي.
- تحسين أداء نظام الحوكمة.
ثانيا: المواضيع المقترحة للنقاش
اقترحت غالبية الأطراف معالجة القضايا التالية:
- العبودية وممارساتها ورواسبها على جميع الأصعدة.
- الإرث الإنساني والملفات الحقوقية العالقة.
- ترقية التنوع الثقافي.
- مراجعة الإطار الديمقراطي والانتخابي.
- تمكين الفئات الهشة وضمان تكافؤ الفرص.
- تحسين الحوكمة عبر مكافحة الفساد، تعزيز النزاهة، ترشيد الإنفاق العام، تحديث الإدارة وتحسين مناخ الأعمال.
إصلاح النظام التربوي.
إصلاح النظام القضائي.
إصلاح النظام العقاري.
ترقية النظام الصحي.
ثالثا: المشاركون المقترح دعوتهم
اقترح الفاعلون دعوة الفئات التالية للمشاركة في الحوار:
الأحزاب السياسية المعترف بها.
الأحزاب السياسية قيد الاعتراف.
المترشحون السابقون للانتخابات الرئاسية.
شبكات منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك ممثلين عن الجمعيات النسائية والشبابية.
الشخصيات المستقلة ذات القيمة المضافة.
ممثلون عن الجاليات الموريتانية في الخارج.
رابعا: المنهجية المقترحة
اقترحت غالبية الفاعلين المنهجية التالية:
اعتماد خارطة طريق توافقية لإدارة عملية الحوار.
إنشاء لجنة اشراف على الحوار تشمل كافة الأطراف.
تنظيم الحوار على شكل ورشات حول المحاور المتفق عليها.
تعيين فريق من المنسقين لقيادة وتسهيل الورشات.
تحديد ميسرين وسطاء لتقريب وجهات النظر والمساعدة في بناء التوافق.
تعيين مقررين لكل محور.
اعتماد المخرجات التوصيات بناء على التوافق.
تنظيم الجلسات الكبرى للحوار تحت رعاية رئيس الجمهورية.
خامسا: الضمانات وآليات تنفيذ التوصيات
قدم الفاعلون جملة من الاقتراحات لإنجاح الحوار وتنفيذ توصياته ومخرجاته، من بينها :
التزام علني من رئيس الجمهورية والحكومة بتنفيذ جميع التوصيات المتفق عليها.
المصادقة العلنية من المشاركين على التوصيات، باعتبارها تعهدات ملزمة وغير قابلة للتجزئة.
توقيع "إعلان تفاهم وطني" من قبل جميع المشاركين، يتعهدون فيه بتطبيق التوصيات.
إنشاء آلية أو مؤسسة توافقية لمتابعة تنفيذ نتائج الحوار .
إعداد جدول زمني دقيق وملزم لتنفيذ التوصيات، بما يشمل الاجراءات القانونية والنظامية اللازمة.
نشر وتوزيع التقارير والتوصيات والوثائق النهائية للحوار على الرأي العام الوطني، بما في ذلك عن طريق حملات تحسيسة واسعة.
تغطية إعلامية لجلسات الحوار، بما في ذلك نقلها عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية عند الاقتضاء.
سادسا: مراحل الحوار
استنادا إلى تحليل مقترحات الأطراف، يمكن تقسيم مسار الحوار إلى المراحل الأربعة التالية:
المرحلة الأولى: التحضير للحوار المدة: 30 يوما تقريبا)
التحضير اللوجستي والتنظيمي وتوفير الوسائل والخدمات اللازمة.
. الافتتاح الرسمي: يشمل حفل افتتاح وخطاب رئيس الجمهورية، وتحديد موعد جلسات الحوار.
تشكيل آلية الإشراف على الحوار.
تشكيل مجموعات النقاش وإعداد قوائم المشاركين حسب المحاور.
اختيار المنسقين والمقررين لكل محور.
إعداد مذكرات تأطيرية لكل ورشة.
تحديد أماكن الورشات وشروط إدارتها.
تحديد توقيت جلسات النقاش.
تنظيم الدخول والتسجيل عبر بطاقات تعريف خاصة بالمشاركين.
توعية المشاركين بقواعد الحوار وضرورة الالتزام بها.
المرحلة الثانية: تنظيم النقاشات المدة: 30 يوما تقريبا)
عقد الورشات حول المواضيع المتفق عليها وإدارتها من قبل ميسرين.
تعيين لجنة تحكيم لمعالجة الخلافات المستعصية.
اعتماد التوصيات بالإجماع عقب كل ورشة.
إعداد مشاريع توصيات تُعرض للمصادقة خلال الجلسات الختامية.
المرحلة الثالثة: الجلسات الختامية (المدة 3 أيام تقريبا)
عقد جلسات وطنية للمصادقة على التوصيات.
تقديم التوصيات المعتمدة من طرف الورشات ومناقشة أي تعديلات مقترحة.
المصادقة على التوصيات وإعلان التفاهم الوطني في الجلسة الختامية، تحت رعاية رئيس الجمهورية.
المرحلة الرابعة : تنفيذ ومتابعة التوصيات (مدة مفتوحة)
التزام رئيس الجمهورية والحكومة بتطبيق جميع التوصيات.
إصدار إعلان التفاهم الوطني.
نشر التقارير والوثائق النهائية والتغطية الإعلامية لنتائج الحوار.
إنشاء هيئة توافقية لمتابعة تنفيذ التوصيات.
تعيين أعضاء الهيئة وتحديد مهامها وآليات عملها.
إنشاء أمانة فنية (سكرتيريا) لدعم الهيئة.
وضع جدول زمني للتنفيذ بالتشاور بين الهيئة والحكومة.
سن قانون إطار لتطبيق توصيات الحوار.
إعداد القوانين والمراسيم لتنفيذ التوصيات.