سوق أطار ... حجر يتحدث وخيرات تنبض بالحياة

بواسطة mohamed

ليس مجرد سوق صغير في مدينة داخلية، بل سجلٌ مفتوح من العراقة والتنوع، تكتبه دكاكين حجرية على أرصفة شارع "الميزان"، وتُعيد قراءته كل يوم وجوه الكادحين وروائح المنتوجات المحلية الطازجة.

سوق أطار، بعكس ما قد يُخيَّل لمن لم يزره، ليس مجرد مكان للشراء والبيع، بل مرآة تعكس هوية ولاية آدرار وذاكرتها الممتدة عبر الأجيال. 

دكاكينه المصنوعة من الحجارة ليست حجارةً صمّاء، بل جدران تحفظ قصصاً عن مقايضات الأمس وتجارات القوافل، وعن نساء ورجالٍ صنعوا من البساطة تاريخًا.

أوجفت نيوز

شتاء الخُضر، وصيف "التكلاع"

في الشتاء، تتزين أرصفة السوق بألوان الخُضر والفاكهة، القادمة من أعماق الريف الآدراري؛ من "الطواز" إلى "عين أهل الطايع" وما بينهما. حبوب متنوعة، أوراق نعناع زكية، وفواكه موسمية تعبق برائحة الأرض الطيبة.

أما في الصيف، فالمشهد يتحوّل حيث تنحسر الخضروات قليلًا، لكن السوق يفيض بـثمار النخيل، خاصة "التكلاع"، ذلك الكنز الطبيعي الذي تحمله الوديان من مختلف جهات آدرار، وتقدّمه سواعد الفلاحين في سلال منسوجة بحُب.

ناتج محلي بطعم الانتماء

ما يُميّز سوق أطار عن غيره من أسواق الداخل، ليس فقط حجمه أو شكله، بل نسبة ما يُعرض فيه من إنتاج محلي خالص. ففي زمن الاستيراد السريع، ما زال أبناء الولاية السابعة يزرعون، ويجنون، وينقلون بأيديهم خيرات الأرض إلى هذا السوق.

"المنتج هنا له طعم مختلف"، يقول أحد مرتادي السوق، "لأنك تعلم أن من زرعه قد يكون جارك أو ابن قريتك، وأن الربح يعود مباشرة إلى فلاحٍ يعرف قيمة الماء والعرق".

 سوق بحجم هوية

في سوق أطار، تتجاوز البضائع وظيفتها التجارية، لتُصبح رموزًا للهوية والصبر والانتماء. 

هو سوق صغير في حجمه، كبير في دلالته , تلتقي فيه الذاكرة بالجغرافيا، والموسم بالمنتِج، والمشتري بالبائع, كل ذلك تحت سقف واحد من الشمس، وأرض واحدة من الكرامة.