هل خطر ببالكم أنكم رقصتم، وغنيتم، وتبادلتم أحاديث السمر على كلمات شاعر لم يظهر في الواجهة إلا نادرًا؟
شاعر لم يسعَ إلى الأضواء، بل ترك كلماته تتسلل بهدوء إلى وجدان الناس، فتصبح جزءًا من ذاكرتهم دون أن يتوقفوا ليسألوا: من كتب هذا الجمال؟
إنه بدر موسى، الأديب والصحفي والشاعر الذي ظلّ متخفيًا خلف أسماء النجوم، بينما كانت كلماته تصنع اللحظة، وتؤسس لمسار جديد في الأغنية الموريتانية، سياسيًا واجتماعيًا وعاطفيًا.
كلمات جمعت الكبار...
بدر موسى هو صاحب النصوص الخالدة التي جمعت للمرة الأولى بين صوتي ديمي بنت آبه والمعلومة بنت الميداح، عبر أغانٍ مثل: "اسلحو بالمعارف"، "مصير دولتن محتوم"، و*"لبوا الواجب ندان"*، في لحظة اعتبرت تاريخية في مسيرة الفن الوطني.
وللرومانسية نصيب من قلبه...
أما الجانب العاطفي، فكان لبدر فيه نَفَس مختلف، من خلال أغانٍ رسمت تفاصيل الحب والبساطة والمعاناة، بصوت وردة بنت همد فال في "ذلي نختير أمعسرين"، وأعل سالم ولد اعلي في "اهي جمهوري فالحك" و*"اوتوف الا توف مني"*، وغيرهم.
وفي حب الوطن... كتب أناشيد ظلت خالدة
ترك بصمة لا تمحى في الأغنية الوطنية، بنصوص مثل:
- "يوطن لكبير يلي عشن فداك" (أعل سالم ولد اعلي)،
- "اتحاد الجهود.. اتوحدن واساوين" (أداء جماعي)،
- "عشتي الخلود يا بلادي" (ابتي بنت انكذي)،
- "نفمبر يا عيد الأمة" (الشيخ ولد لِيبظ)،
- "يا موريتاني أرضي وأوطاني" (عليه بنت اعمر تيشيت).
وكلها أناشيد تحولت إلى رموز في المناسبات والمهرجانات، وجزء لا يتجزأ من وجدان الأجيال.
شاعر الظل.. الذي لم يُرِد شيئًا لنفسه
بدر موسى ليس فقط شاعرًا موهوبًا، بل ظاهرة فنية تختار الغياب عن الأضواء، مكتفيًا بأن تُغنّى كلماته وتُردد في الشوارع والبيوت، دون أن يظهر ليقول "أنا كاتبها".
هو شاعر بالفطرة لا بصناعة الإعلام, لم يسعَ يومًا لأن يُعرف اسمه، بل فضّل أن تبقى القصيدة في الواجهة وهو في الظل، مستمعًا لا متصدّرًا، كأنما يُعلّمنا أن الإبداع الحقّ لا يحتاج إعلانًا، بل صدقًا وشغفًا وموهبة لا تشبه أحدًا.