جنون ترمب.. وبراغماتية غزواني

بواسطة mohamed

لا يمكن لمتابع للشأن الدولي أن يتوقف كثيرا عند تصرفات الرئيس ترمب، أو تصريحاته الدرامية، ويحسب حسابا لظاهرها.

حين فاز ترمب؛ كان اسما مغمورا في عالم السياسة، إذ لم يكن مسؤولا سابقا في الإدارة مثل هيلاري، ولا سناتورا أو نائبا مثل بايدن.. كأنما خرج فجأة من إحدى خزنات المال في شوارع وولستريت.

كان أول ما صادف المهتمين بمعرفة من يكون سيد البيت الأبيض الجديد؛ مقطع فيديو يقتحم فيه ترمب حلبة المصارعة وينهال بالضرب على الصريع المهزوم، ثم يأخذ صورا ويغادر الحلبة بابتسامة مسيطر.

وتتالى الموبقات البروتوكولية والحرج من أقاويل وأفاعيل الرئيس الظاهرة.

ختم ترمب مأموريته الأولى بكارثة كادت تعصف بديمقراطية أمريكا ومؤسساتها المتينة؛ فحين فاز جو بايدن؛ شكك ترمب في نتائج الانتخابات، وأشار لأنصاره من اليمين؛ بالتحرك نحو مبنى الكابيتول, في مشهد فوضوي لم يحلم أشد أعداء أمريكا بمعاينته، .

ظل ترمب يغرد على حسابه -شاكيا- كأنه رئيس شرقي مخلوع، قبل أن يقرر تويتر منعه عن التغريد.

في بداية مأموريته الحالية شن ترمب حربا تجارية شاملة, مست حلفاءه في كندا وألمانيا وفرنسا قبل أن تمس الصين؛ المنافسة اللدود، وأهان كندا متوعدا أن تكون يوما ما الولاية الواحدة والخمسين في تسلسل الولايات المتحدة، كما أهان الأمير المغاضب تشارلز والرئيس ماكرون وزيلينسكي رئيس أوكرانيا المهزوم.

رغم كل ماسبق فإن ترامب يقلب مواقفه وببدلها كما يبدل قمصانه البيض، ويعود مكتبه في كل مرة؛ يشرح تصريحاته وتغريداته, من آخر ذلك؛ دعوته سكان طهران أن يخلوا مدينتهم بالكامل، ليوضح مكتبه بأنه ماكان يقصد ذلك.

ليس ثابتا إذا من سمات ترامب إلا عقليته "الصفقوية" ومزاجه النقدي

إن الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار السياسي والأمني الذي عمل عليه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ جعل من موريتانيا بلدا إفريقيا استثنائيا، ستصنفه الولايات المتحدة من بين البلدان التي ينبغي أن لا تغفل في صفقات وشراكات أمريكا في إفريقيا، وتدمجه في مقارباتها الاستراتيجية في المنطقة.

لقد نجح محمد ولد الشيخ الغزواني أن تكون بلاده الخيار الأمثل للجلوس إلى جانب بلدان قلائل في إفريقيا، على طاولة الصفقات مع الولايات المتحدة، رئيسة لجاراتها الأفارقة، ومفتتحة القمة، ولذلك دلالته.

إن سمعة غزواني بين الفرقاء السياسيين الوطنيين وصيته بين القادة الأفارقة والأوروبيين وماحقق للدبلوماسية الموريتانية من مكاسب، وما تتمع به البلاد من ثروات...

واعتبارا لموقعها الجغرافي الجيوستيراتيجي وكونها قبلة للاستثمار، في مجالات شتى كالطاقة والمعادن؛ جعلها قبلة للدول العظمى وجعل رئيسها محط دعوة وترحيب؛ إقليميا وعالميا...

لقد وجد ترامب في الرئيس غزواني القائد العظيم الذي استطاع المحافظة على استقرار بلده؛ رغم حدوده الملتهبة في الشرق والشمال، 
والحاكم الذي لم يتسق أو يتماهى مع التحولات الجذرية التي طبعت أغلب منطقة الساحل؛ حيث اتسعت رقعة الصراع بين الجماعات المسلحة والقيادات العسكرية الجديدة التي استولت على السلطة.

غزواني إذا اتبع لبراغماتية. ساعيا في جلب أقصى ما يمكنه من منافع، و ترامب اعتمد موريتانيا نموذجا للاقتصاد الناجح، الذي خرج من مربع المساعدات إلى الاستفادة من التبادل التجاري، والاشتغناء بما ستدره الصفقات والشراكات البينية من فوائد.

المصطفى ولد الحسن 
كاتب صحفي