منصات التواصل في مواجهة الإقصاء: رسالة مفتوحة إلى معالي الوزير

بواسطة mohamed

معالي الوزير،
بعد تقديم ما يليق بمقامكم من التقدير والاحترام، وبالنظر إلى أهمية قطاعكم المحوري بوصفه الواجهة الحضارية، والثقافية، والإعلامية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، فإننا نثمّن الجهود التي تبذلونها في سبيل إصلاح هذا القطاع الحيوي وتطويره. 

لكن، ومع كامل التقدير، فإننا تفاجأنا بالشروط التي طُرحت مؤخرًا فيما يتعلق بالحصول على البطاقة الصحفية، والتي بدت ـ للأسف ـ شديدة التعقيد، بل وصعبة المنال بالنسبة للعديد من المهنيين، ناهيك عن من خدموا هذا القطاع في ظروف صعبة، أو أولئك الذين اقتربوا منه بحسن نية وإن كان بوسائل محدودة.

معالي الوزير،
إن الإعلامي الميداني الحقيقي، الذي يواكب مجريات الأحداث وينقل صوت المواطن، بات يعاني من التهميش والحرمان من أبسط الحقوق. 

وفي بلدٍ عانى كثيرًا من الفساد وتبديد الموارد، فإن غياب الإعلام الجاد والمستقل ساهم بشكل مباشر في التعتيم والتضليل، وفتح المجال للمطبلين والمزيفين الذين لمعوا صور مشاريع الوهم على حساب الحقيقة والتنمية.

وللأسف، فإن المواطن العادي لم يعد يرى في إعلامنا الرسمي مصدرًا موثوقًا، ولا يكاد يتابعه أو يصدقه. 

وإن كنتم جادين فعلًا في إصلاح الإعلام وإعادة الثقة فيه، ( واعتقد ذلك) فإن الأمر يقتضي فتح الباب واسعًا أمام تكوين الشباب الإعلامي، لا سيما أولئك النشطين في الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي. 

هؤلاء الشباب الذين يملكون أدوات العصر ويصلون إلى الجمهور مباشرة، هم جزء لا يتجزأ من المشهد الإعلامي، ولكنهم تعرضوا للتهميش والإقصاء ـ كما حدث في مهرجان مدائن التراث بمدينة شنقيط، فيما عرف بفضيحة "بطاقة الدخول".

ولا يُعقل أن تُمنح التعويضات والدعم لمئات المواقع الوهمية التي لا تقدم أي محتوى يُذكر، بينما يتم تجاهل الفاعلين الحقيقيين في الميدان، ممّن يواصلون الليل بالنهار لنقل الواقع، وتقديم المعلومة، وتحفيز الحوار الوطني حول قضايا التنمية والهوية والعدالة.

معالي الوزير،
إن الإعلام بمختلف أنواعه ـ الرسمي، الحر، الرقمي ـ يشكّل رافعة ضرورية في جمع المعلومات، وتوجيه الرأي العام، وتحقيق التوازن داخل المجتمع. 

والمطلوب اليوم ليس فرض عراقيل بيروقراطية تعيق الأداء، بل الشراكة الصادقة والحوار الفعّال مع الإعلاميين، ودعمهم ماديًا ومعنويًا، وتمكينهم من أداء دورهم في توعية المواطن، ومراقبة الشأن العام، والمساهمة في بناء الوطن.

لقد أصبحت منصات التواصل الاجتماعي واقعًا لا يمكن تجاهله، لما لها من تأثير، وانتشار، وجمهور واسع. 

ولا بد من الاعتراف بدورها، وتعزيز جهود العاملين فيها من أبناء الوطن الذين يبذلون جهدًا مخلصًا لنقل الصورة الحقيقية، والدفاع عن القيم الحضارية والثقافية للشعب الموريتاني.

نأمل أن يجد هذا النداء آذانًا صاغية، وقلوبًا منفتحة، وإرادة إصلاحية شجاعة، ترتقي بقطاع الإعلام إلى ما يليق بدوره ومكانته في مشروع بناء الدولة الحديثة.

مع خالص التقدير،


سيد محمد ولد محمد
المدير الناشر لمنصة واقع آدرار