خالفت عشرات المساجد في مناطق متفرقة من البلاد تعميمًا أصدرته وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، يدعو إلى توحيد خطبة الجمعة الأخيرة، والتركيز خلالها على موضوع "أهمية قضاء الإجازة الصيفية داخل الوطن"، في إطار دعم السياحة الداخلية وتنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني.
ملاحظات على أرض الواقع: التزام متفاوت
وبحسب ما رصدته استطلاعات قام بها عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فإن العديد من المساجد لم تلتزم بموضوع الخطبة الموحدة، حيث أشار متابعون إلى أن أئمة مساجدهم تناولوا قضايا دينية واجتماعية أخرى، دون التطرق إلى موضوع الإجازة الصيفية أو السياحة الداخلية.
في المقابل، أكد آخرون أن عدداً من المساجد التزمت بالتعميم، حيث خُصصت خطب الجمعة للحديث عن أهمية قضاء العطلة داخل البلاد، وما يترتب على ذلك من فوائد دينية واجتماعية واقتصادية.
خلفية التعميم
وكانت وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي قد أصدرت تعميماً إلى أئمة المساجد، دعت فيه إلى توحيد خطبة الجمعة بتاريخ 11 يوليو 2025، وتخصيصها لموضوع "العطلة الصيفية في الداخل".
ويأتي هذا التوجيه في إطار دعم الاستراتيجية الوطنية لإنعاش السياحة الداخلية، وتشجيع المواطنين على قضاء العطلة في مناطق الوطن المختلفة، بدلًا من السفر إلى الخارج.
الأهداف المعلنة
وذكرت الوزارة في تعميمها أن الخطوة تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف، أبرزها:
- تعزيز صلة الأرحام بين المواطنين عبر زيارات العائلة في مختلف المناطق.
- نشر قيم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع خلال موسم الإجازات.
- تقوية الارتباط بالوطن وتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع المحلي.
- دعم الاقتصاد الوطني من خلال تحفيز النشاطات السياحية والخدماتية داخليًا.
جدل وردود فعل
أثار هذا التباين في الالتزام بالخطبة الموحدة نقاشاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر بعض النشطاء عن استيائهم من عدم التزام عدد من الأئمة بتوجيه الوزارة، واعتبروه تقصيرًا في دعم التوجه الوطني الرامي إلى تنشيط السياحة الداخلية.
في المقابل، دافع آخرون عن خيار بعض الأئمة بالحديث في مواضيع أخرى، مشيرين إلى أن المنبر الديني يجب أن يُترك لتقدير الإمام حسب حاجة المجتمع المحلي، لا أن يُقيّد بتوجيهات ذات طابع إداري أو سياسي.
تساؤلات حول فعالية التعميمات الموحدة
وأعاد هذا التباين طرح تساؤلات أوسع حول جدوى تعميمات توحيد خطب الجمعة، ومدى قدرة الوزارة على ضمان تطبيقها، في ظل وجود عدد كبير من المساجد التي لا ترتبط إداريًا بشكل مباشر بمصالح الوزارة، إضافة إلى تباين الخلفيات الفكرية والفقهية للأئمة.
ختاما
يعكس تباين المساجد في الالتزام بخطبة موحدة مخصصة لدعم السياحة الداخلية، تحديات حقيقية في توجيه الخطاب الديني نحو أهداف وطنية، خاصة في ظل محدودية آليات الرقابة والتنسيق.
كما يسلط الضوء على ضرورة إيجاد توازن بين استقلالية المنبر الديني ومتطلبات التوجيه الرسمي في القضايا ذات الأولوية الوطنية.