في قلب ولاية آدرار، حيث تحتضن الواحات أشجار النخيل منذ قرون، يشكل التمر عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للساكنة.
وتعتمد آلاف الأسر في هذه الولاية على موسم جني التمور المعروف محليًا بـ"الكيطنه"، كمصدر دخل رئيسي وفرصة لتسويق منتوجها الزراعي.
غير أن انتهاء موسم الكيطنه، يشهد عادة تراجعًا في عرض التمور المحلية، مقابل ازدياد الاعتماد على التمور المستوردة، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة المنتوج الوطني على الصمود في وجه المنافسة.
في هذا السياق، التقت وكالة "أوجفت نيوز" بالسيد أحمد سالم بوب، أحد أقدم باعة التمور في "سوق الميزان" وسط مدينة أطار، والذي ترعرع بين النخيل ويعرف خفايا التمر الموريتاني من النخلة إلى السوق.
في هذا اللقاء، يسلّط أحمد سالم الضوء على جودة التمور المحلية، التحديات التي تواجه المنتجين، ومقترحات لإنعاش القطاع وضمان استدامته.
س1: بداية، كيف تقيّم وضعية التمور المحلية مقارنة بالمستورد بعد انتهاء موسم الكيطنه؟
أحمد سالم :
بصراحة، مع نهاية موسم الكيطنه، نلاحظ تراجعًا كبيرًا في التمور المحلية داخل الأسواق، ويفتح ذلك المجال أمام التمور المستوردة التي تغزو السوق بكثرة.
وهذا لا يعني أن التمر الموريتاني أقل جودة، بل العكس تمامًا، لكن الإشكال يكمن في ضعف التخزين وقلة الدعم، ما يجعل التمر المحلي غير قادر على الحضور طيلة السنة.
س2: من خلال تجربتكم الطويلة، ما الذي يميز التمور الموريتانية عن غيرها؟
أحمد سالم :
التمر الموريتاني، وخاصة تمر آدرار، يتميز بمذاق طبيعي لا مثيل له، لأنه ينمو في بيئة خالية من الأسمدة الكيماوية. طعمه سكري ناعم، ويحظى بثقة الناس، خاصة في شهر رمضان.
كما أن أنواعه مثل "الحمر" و"سكان" معروفة بجودتها العالية، لكنه يحتاج فقط إلى ترويج أفضل وعناية في الحفظ والتغليف.
س3: ما هي أبرز التحديات التي تواجه مزارعي النخيل بعد انتهاء موسم الحصاد؟
أحمد سالم :
أهم التحديات هي غياب آلية لتخزين التمر بشكل يحافظ على جودته، بالإضافة إلى ضعف التسويق.
المزارع ينتهي من الحصاد ويضطر لبيع منتوجه بأي ثمن، لأنه لا يملك وسيلة لحفظه أو جهة تشتريه منه.
كذلك، غياب الدعم من رجال الأعمال، وضعف تدخل المنتخبين في طرح مشاكل القطاع، يجعل الأمر أكثر صعوبة.
س4: هل هناك مقترحات ترون أنها كفيلة بتحسين وضعية التمر المحلي؟
أحمد سالم :
نعم، أول شيء هو شراء المنتوج من طرف شركة "تمور موريتانيا"، فهي مؤسسة وطنية ويجب أن تلعب دورًا حقيقيًا في حماية التمر المحلي.
ثانيًا، نطالب رجال الأعمال بدعم المزارعين، سواء عبر الاستثمار في وحدات التجفيف والتخزين أو المساعدة المباشرة.
كذلك نحتاج إلى أن يكون للمنتخبين حضور ميداني دائم لرفع مشاكل المزارعين إلى الجهات المختصة.
س5: في رأيكم، ما المطلوب لضمان بقاء التمر الموريتاني في السوق طوال السنة؟
أحمد سالم :
نحتاج إلى سلسلة متكاملة تبدأ من المزرعة وتنتهي بالسوق.
يعني: تخزين عصري، تعبئة محترفة، تسويق داخلي وخارجي، دعم المزارعين، وتشجيع الاستهلاك المحلي.
إذا تحققت هذه الشروط، يمكن أن نرى التمر الموريتاني في السوق ليس فقط خلال الكيطنه، بل طوال العام، وبقوة.
في الختام:
أحمد سالم، بصوته الهادئ وإلمامه العميق بعالم التمور، يعكس واقعًا يعيشه مئات المزارعين والباعة في ولاية آدرار.
فالتمر الموريتاني يمتلك الجودة، لكن يحتاج إلى رؤية اقتصادية واضحة تضمن له الاستمرارية والمنافسة.
من قلب سوق أطار، تبقى الرسالة واضحة: "ادعموا النخيل، ليحيا التمر".
أعدها: مندوب وكالة "أوجفت نيوز" – أطار