لقد أصبحت مشكلة العصابات المسلحة التي تجوب نواكشوط ليلاً قضيةً تؤرق السكان؛ فهي تزرع في النفوس الخوف وتغذي التفكير السلبي. هذه الظاهرة لم تعد مجرد اختلال أمني يمكن تأجيله، بل تحقُّقًا لتهديدٍ يستلزم استجابةً حكومية فورية وحاسمة لضمان أمن الأرواح والممتلكات واستقرار المجتمع.
بعد تفكير عميق في حلول جذرية قابلة للتطبيق، أقترح مقاربةً جديدة تجمع بين المقاربة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية: تحويل عناصر العصابات الذين اعتادوا العنف والسرقة إلى قوى فاعلة في القطاع الزراعي. يمكن أن تُقدَّم لهم برامج تأهيل مهني متخصصة في تقنيات الزراعة، ثم تُنقَل مجموعات منهم إلى مزارع نموذجية (مثل مشروعات في منطقة «شمامه») كي يعملوا مزارعين منتجين.
إن فوائد هذا المقترح متعددة، حيث ستستفيد البلاد من طاقة الشباب بدلاً من إضاعتها في دائرة الجريمة والسجن، وتُحوَّل تكلفة التعامل القضائي والسجني إلى استثمارٍ يعود على الخزينة العامة، كما تساهم هذه العملية في نهضة زراعية محلية وتوفير فرص عمل بديلة تُضعِف جذور الإجرام.
أخيرا، تحتاج هذه المقاربة إلى إطارٍ قانوني واضح وبرامج للمتابعة والتأهيل النفسي والاجتماعي، وضمانات لاندماج المستفيدين في المجتمع خلال وبعد فترة التدريب. فالمسألة ليست مجرد نقل أشخاص من بيئة إلى أخرى، بل بناء مسار متكامل يعيد صنع المواطنة والأمل.