تسود حالة من الترقب والانتظار في الشارع الموريتاني قبيل صدور بيان حكومي مرتقب، يُتوقع أن يتضمن قرارات حاسمة تتعلق بالعقوبات والإجراءات التأديبية بحق عدد من المسؤولين الذين وردت أسماؤهم في تقرير محكمة الحسابات الأخير، والذي كشف عن اختلاسات بمليارات الأوقية وتورط شخصيات نافذة في عمليات نهب وسوء تسيير داخل وزارات ومؤسسات عمومية.
التقرير، الذي أثار جدلًا واسعًا منذ نشره، كشف عن ممارسات مالية وإدارية غير قانونية، شملت تحويل أموال عامة إلى حسابات خاصة، وإبرام صفقات مشبوهة، وصرف نفقات ضخمة دون مبررات قانونية.
وقد أشارت بعض المصادر إلى أن جزءًا من الأموال المنهوبة استخدم في شراء عقارات وسيارات فاخرة داخل البلاد وخارجها، ما زاد من حدة الغضب الشعبي والمطالبات بالمحاسبة.
توجيهات رئاسية وإشارات إلى قرارات مرتقبة
في أعقاب هذه التطورات، وجّه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الوزير الأول المختار ولد أجاي إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات «في حق المتورطين في قضايا الفساد»، مؤكدًا أن الحكومة لن تتساهل مع من يعبث بالمال العام. وتُعتبر هذه التوجيهات — بحسب مراقبين — اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية النظام في محاربة الفساد، خصوصًا بعد تعهد الرئيس مرارًا بترسيخ قيم الشفافية والنزاهة في تسيير الشأن العام.
ويرى متابعون أن البيان الحكومي المنتظر قد يتضمن إقالات أو إحالات للتحقيق بحق بعض المسؤولين، وربما قرارات تتعلق بتجميد أرصدة أو استرجاع أموال، وسط تصاعد الضغط الشعبي والإعلامي للمضي قدمًا في محاسبة المتورطين «مهما كانت مناصبهم».
غضب شعبي وآمال ببداية جديدة
في الشارع الموريتاني، تتعالى الأصوات المطالبة بإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، حيث عبر مواطنون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أملهم في أن تكون هذه القضية نقطة تحول حقيقية في مسار الإصلاح ومحاربة الفساد.
يقول أحد المراقبين إن «اللحظة الراهنة تمثل فرصة للدولة لإثبات أن القانون فوق الجميع، وأن زمن الحصانة غير المعلنة قد ولّى».
في المقابل، يحذر آخرون من أن أي تباطؤ أو تهاون في تطبيق العدالة قد يفقد المواطنين الثقة في المؤسسات الرسمية، ويفاقم الشعور بالإحباط واللامبالاة تجاه الخطاب الحكومي حول الإصلاح.
اختبار لمصداقية الدولة
مع تصاعد الترقب الشعبي واحتدام النقاش داخل الأوساط السياسية والإعلامية، يبدو أن البيان الحكومي المقبل سيحمل رسائل تتجاوز مجرد العقوبات الإدارية، إذ سيُنظر إليه كمؤشر على اتجاه الدولة الحقيقي في مواجهة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.
ويأمل الموريتانيون أن تكون هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة من الشفافية والمساءلة، تعيد الثقة في مؤسسات الدولة وتؤكد أن لا أحد فوق القانون.
محمد اعليوت .. المدير الناشر