رغم ما شهدته ولاية آدرار خلال السنوات الأخيرة من تدخلات حكومية متفرقة ومشاريع تنموية متعددة، إلا أن الواقع المعيشي للسكان لا يزال يراوح مكانه، في ظل بنية تحتية متعثرة، وخدمات أساسية تعاني من هشاشة مزمنة، وهو ما يطرح تساؤلات جادة حول فعالية التخطيط وجدوى تلك المشاريع في تحقيق أهدافها.
فبينما تُعرض هذه المشاريع في التقارير الرسمية كإنجازات، يجمع عدد من المراقبين المحليين والمهتمين بالشأن التنموي على أن غياب إطار منطقي شامل يربط بين الأهداف والنتائج، إضافة إلى تنفيذ البرامج دون آليات دقيقة للتقييم والمتابعة، أدّى إلى إهدار الكثير من الجهود والموارد دون تحقيق نتائج ملموسة.
كما تفتقر معظم المشاريع إلى تراكم الخبرات السابقة، ما تسبب في تكرار الإخفاقات بدل الاستفادة من الدروس المستخلصة.
غياب الحوكمة الفعالة وتعثر اللامركزية
من بين الإشكالات الجوهرية التي تعيق التنمية في آدرار، يبرز ضعف الحوكمة المحلية، وغياب تأثير المنتخبين في مسار اتخاذ القرار التنموي، نتيجة استمرار المركزية في السلطة التنفيذية.
وقد جعل ذلك من مفهوم "اللامركزية" مجرد شعار، يفتقر إلى أدوات الفعل، وآليات المساءلة الحقيقية.
هذا القصور في إشراك الفاعلين المحليين يوازيه تهميش واضح لدور المجتمع المدني في تحديد الأولويات ومراقبة تنفيذ المشاريع، مما فاقم من حالة الإحباط الشعبي وزعزع ثقة المواطن في السياسات العمومية وقدرتها على إحداث تغيير فعلي في حياته اليومية.
بنية تحتية هشّة وهجرة داخلية متصاعدة
وفي ما يخص البنية التحتية، لا تزال ولاية آدرار تواجه تحديات حادة في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والنقل، إذ تعاني المرافق من نقص في الموارد البشرية، وضعف في الخدمات، وغياب خطط استراتيجية تعالج جذور المشكلات.
وتُعد هذه الهشاشة سببًا مباشرًا في تنامي ظاهرة الهجرة الداخلية من القرى والمناطق النائية نحو المدن الكبرى، بحثًا عن فرص معيشية أفضل.
دعوة لإعادة النظر في النموذج التنموي
تضع هذه الوضعية مجتمعة ولاية آدرار أمام ضرورة ملحة لإجراء مراجعة جذرية للنموذج التنموي المتبع، ترتكز على تبنّي إطار منطقي واضح، وتعزيز اللامركزية الفعلية، وتوسيع دائرة إشراك المواطن والمجتمع المدني في عملية التخطيط والتنفيذ والتقييم.
كما أن استلهام التجارب الناجحة في ولايات أو دول أخرى يمكن أن يشكّل نقطة انطلاق نحو تنمية أكثر فاعلية واستدامة، تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة السكان وتعيد الثقة في جدوى السياسات العمومية.